قال تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: 59].
سبب نزول الآية
روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعوا، فقيل له: إن شئت أن نستأني بهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم، قال: لا، بل استأن بهم، فأنزل الله: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ}".
معنى الآية الكريمة
يقول تعالى: وما منعنا من إرسال الآيات التي اقترحها هؤلاء المشركون، وهي: أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن يزيل الجبال من حول مكة، ويأتي بالملائكة يشهدون على صدقه، وغير ذلك من الآيات التي طلبوها، إلا تكذيب الأمم السابقة بها، فلو أرسلنا إليهم هذه الآيات، وكذبوا بها، لعاجلناهم بالعذاب كما فعلنا بالأمم السابقة، ولكننا أخرنا ذلك رحمة بهم، وحلماً عنهم.
تفسير الآية
- قوله: {وَمَا مَنَعَنَا}، أي: وما منعنا من إرسال الآيات التي طلبوها.
- قوله: {إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ}، أي: إلا تكذيب الأمم السابقة بها، كما قال تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [غافر: 5].
فوائد الآية الكريمة
- الحكمة الإلهية: تدل الآية على حكمة الله تعالى في عدم إجابة طلبات المشركين بالآيات التي اقترَحوها، لأنهم لم يسألوها للاستبصار، بل للمُعاندة وإظهار العجز.
- الرحمة المهداة: تظهر الآية الكريمة رحمة الله تعالى بعباده، حيث لم يعاجلهم بالعقوبة على تكذيبهم، بل أمهلهم لعلهم يتوبون.
- سنة الله في الأمم: تبيّن الآية الكريمة سنة الله تعالى في الأمم السابقة، وهي أنهم إذا كذبوا بالآيات التي جاءتهم، عُوجلوا بالعذاب.
- إعجاز القرآن: تعد الآية الكريمة من آيات الإعجاز في القرآن الكريم، حيث أشارت إلى حقيقة تاريخية، وهي أن الأمم السابقة كذبت بالآيات التي جاءتها، وأن الله تعالى عاقبهم على ذلك.
قال بهذا قتادة وابن جريج وغيرهما
فقد يقول قائل لماذا لم يريهم الله المعجزات التي طلبوها
اعلم يرحمك الله ان مشركي قريش طلبوا هذا تكبرا وعنادا لا ليطمئن قلبهم للايمان
فكما جاء في تفسير سبب نزول الاية
وفي الحديث
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعوا
وقد يقول اخر لماذا لم يريهم الله ذلك ويقيم عليهم الحجة وينتهي الموضوع
فكان الجواب من الحديث السابق
فقيل له إن شئت أن نستأني بهم وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا
فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم
قال لا بل استأن بهم وأنزل الله الاية
وعن ابن عباس قال* قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك قال وتفعلون قالوا نعم .
قال فدعا فأتاه جبريل فقال إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن شئت أصبح الصفا لهم ذهبا فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين
وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة فقال بل باب التوبة والرحمة "
فنزلت الاية
وهي مصداقا لقوله تعالي
* قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين )
واعلم يرحمك الله ان المنع المقصود هنا فى الآية الكريمة هو منع مقيد وليس مطلق علي كل المعجزات
بل المنع هنا قاصر علي المعجزات التي فعلها الانبياء السابقين لانهم كذبوا بها كذلك سيكذب بها المشركين من اهل مكة
والا لماذا لم يؤمنوا بها قديما وقت ان فعلها انبيائهم مثل موسي النبي المرسل الي اليهود لماذا كذبوا بمعجزاته
ويطالبوا من النبي محمد عليه الصلاة والسلام ان يفعل نفس المعجزات فان كان فعل المعجزة سيجعلهم يؤمنون
فلماذا لم يؤمنوا حينها بموسي عليه السلام
واذا استجاب الله لهم سيصدق عليهم قول الله تعالي فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين**
والنبي محمد عليه الصلاة والسلام اختار لهم الرحمة لا العذاب كما في الحديث الساق
وقد طلب مثل ذلك اليهود سابقا
قال تعالي
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا *
اريتهم طلبوا الطعام علي انه معجزة
فرد عليهم موسي
قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ *
ثم ان الله سبحانه وتعالي وسيدنا موسي لم يستجيبوا لهم لانها ليست معجزة حقا
فقال
اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ *
وكانت نتيجية طلبهم هذا الذي هو من قبيل الشهوة لا الايمان
وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ *
والسبب هو
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ
صدق الله العظيم
وهل لو فعل النبي محمد صلي الله عليه وسلم ما يطلبون هل سيؤمنون ؟
وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ
قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا
فهم لم يؤمنوا ولو فعل كل ذلك النبي فلن يؤمنوا .. ثم ان الامر ليس بيده بل الامر بيد الله وليس الانبياء يفعلون المعجزات بل يجريها الله علي يدهم
حتي يسوع يا نصاري يقول
انه مجرد انسان ويقول انه لا يقدر ان يفعل المعجزات الا بامر الله او قوته او ارداته (اصبع الله) لانه بشرا رسول
.1 تي 1: 1بولس، رسول يسوع المسيح، بحسب امر الله مخلصنا، وربنا يسوع المسيح، رجائنا.
لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الاب الذي ارسلني
--والامر -الاخر - أنه ليس ثمة تعارضٌ بين انشقاق القمر او غيرها من المعجزات وآية: (وما منعنا أن نرسل بالآيات ... ).
وذلك: لأن الآيات التي لم يرسلها الله تعالى وعلق الهلاك على التكذيب بها هي التي طلبها المشركون من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعيانها،
وأما انشقاق القمر فلم تطلب منه عليه الصلاة والسلام. وإنما طلبوا آيةً دون تحديد فانشق القمر
، كما في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: ( سأل أهل مكة أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر ).
فوقعت تلك الآية: كما تقع خوارقُ كثيرةٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، دون سؤالٍ من أحد لها أو بتعيين أفرادها.
فليس المراد بالامتناع من إرسال الآيات التي طلبها المشركون هو كل المعجزات او الآيات لان المنع هنا منع مقيد وليس عاما
والمنع مقصور علي: آيات الاقتراح والتشهي والاستكبار والعناد مثل تحويل جبل الصفا ذهبًا، وجَرْيِ الأنهار، وغيرها،
ولن يؤمنوا لو استجيب لهم
وسيفعلون مثلما فعل السابقين حتي انهم سيطلبون الطعام الموجود علي انه معجزة كما فعلوا مع موسي
واذا استجاب الله لهم فقد اقاموا علي نفسه الحجة واستوجبوا العذاب بعدها مباشرة كسنة الله في الاقوام السابقة لكن رسول الرحمة طلب لعم الرحمة لا العذاب لانه مرسل رحمة للعالمين
وسنفرض ان الاية جاءت عامة وليست خاصة كما يدعي الملاحدة والنصاري
فما علاقة ذلك بصدق رسالة المصطفي عليه السلام
سيقولون
كيف يكون نبي وليست له معجزات
نقول وهل شرط ان يكون لكل نبي معجزات واذا كان شرط فلماذا لم يؤمن القرون السابقة بانبيأهم الذين فعلوا المعجزات
واذا فعلوا ولم يؤمنوا اسوجوا العذاب في الدنيا قبل الاخرة لانهم هنا يتلاعبون لا يؤمنون
وهل كان لنوح عليه السلام معجزة حتي يؤمن به قومه ..
سيقول السفهاء ان لنوح معجزة وهي الطوفان
نقول وكيف سيؤمن قوم نوح وقد اغرقهم الطوفان ؟
من لوازم المعجزة ان يراها الناس ولهم الخيار في الايمان والجنة او الكفر بها والعذاب الدنيوي قبل ذعاب الاخرة
فكيف امن قوم نوح بمعجزة اغرقتهم وماتوا؟
واعلم يرحمك الله ان هناك للنبي محمد عليه الصلاة والسلام الاف المعجزات الكونية التي شاهدها قومه
والاف المعجزات القرانية التي يثبتها العلم جيلا بعد جيل فضلا عن معجزات الاحاديث ليكون الاعجاز في الاسلام متجدد لاننا لم نري معجزات النبي باعيننا كما رئها قومه وحتي يقيم الله علينا الحجة اكثر واكثر وان كفي ما سبق ولكن انه عطاء من الله ليطمئن قلوب المؤمنين وليؤمن الاجيال الجديدة ايضا
وقد ثبت في ( الصحيحين ) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: (ما من الأنبياء نبيٌّ إلا أُعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ).
وليقل لنا المعترضون كيف علم النبي صلي الله عليه وسلم بكل تلك الأحداث هنا
0 تعليقات
اضف تعليق يدعم الموضوع